تكريم الجهاد
في شخص محمّد سعيد مسعود
عام 1959
في فندق البرستول، وفي ذات أمسية، لا أبهى ولا أروع، وحول مائدة جميلة، احتوت ما شاق من ذوق رفيع ومذاق شهيّ، التأمت نخبة من رجالات هذا الوطن وسيّداته، تلبية لدعوة لجنة دار الطائفة الدرزيّة، التي أبت إلّا أن تكرّم الجهاد القوميّ في شخص أحد أبناء لبنان البررة، السيّد "محمّد سعيد مسعود"، وهذا التكريم للرجل القدوة، للرجل المثال في المروءات، واجب مقدّس على المخلصين، تشجيعًا للفضل والفضيلة وإذكاءً لنار البطولة حتّى لا تخبو وتنطفىء.
إنّ هذا الرجل الماثل أمامكم، الذي ناضل في سبيل أمّته ما ينيف عن ثلث قرن، بدون جعجعة إعلاميّة، كان شبيهًا ببنفسجةٍ، ذكيّة العرف تتنشّق الأنوف الشمّ أريجها العطر، ولا تبصرها النواظر، وبتواضع هذه الزهرة الفوّاحة، تبدو على قسمات وجهه اللطيفة، وعينيه الغضّتين، المشعّتين بنور المحبّة والإيمان المنبعث منهما ضياء الإخلاص والتضحية والوفاء والعزم، وتتجلّى في مِقْوَله العذب ونبراته الصادرة عن شفتين كأنّهما شفتا عذراء خجول.
إنّ ابن بشامون، عاصمة ما سمّي بثورة 1943، معروفيّ بارّ، كأخلص ما يكون أبناء المعروف، يدعو إلى الإلفة والتآخي، فيما بين أبناء عشيرته، حتّى يظلّ كتلة متراصّة قويّة في الحاضر والآتي، كما كانت في الأمس القريب والقصيّ، يتبرّع بما وسعه من وقت ومال في سبيل رفع شأنهم وشأن العرب قاطبة، وكان آخر دفعة جاد بها عشرة آلاف ليرة لبنانيّة، لإتمام بناء دار الطائفة.
هو لبنانيّ عريق وعربيّ صميم، يحدب على لبنان كما تحدب الأمّ الرؤوم على ولدها، وقد دافع عنه في المهاجر التي عاش فيها، وفي مختلف العهود، كأحسن المدافعين، لم تثنِ عزمه عقبة، وبذل الغالي في سبيل تدعيم أركانه، وفضلًا عمّا قدّم في رفع اسمه في كندا، فقد ناضل في سبيل فلسطين لتبقى عربيّة ولم ترهبه تهديدات الصهاينة، ولا دسائس اللّبنانيين المتصهينين الذين تحاول إسرائيل المغتصبة أن تجعل منهم طابورًا خامسًا لها.
بوركت أيّها الضيف المناضل، وأهلًا بك وسهلًا، والسلام عليكم جميعًا.
يوسف س. نويهض